تعتبر مدينة بيت لحم - مهد سيدنا عيسى عليه السلام - من المدن الفلسطينية العريقة بتاريخها الديني ، وتشتهر هذه المدينة بالحرف السياحية التاريخية التي تعتبر من أهم مقومات الصناعة في المدينة وما حولها مثل بيت ساحور وبيت جالا ومن أبرز هذه الحرف خشب الزيتون والصدف والمطرزات التقليدية.
وفي لقاء خاص مع مراسل انسان أون لاين قال رئيس بلدية بيت لحم الدكتور حنا البطارسي: "إن السبب الرئيس وراء ازدهار الحرف اليدوية السياحية في المدينة هذه الأيام يعود إلى زيادة عدد السياح الأجانب الذين توافدوا على المدينة بنسبة تصل إلى ضعف من دخلوا المدينة في السنة الماضية وخصوصاً خلال فترة الإحتفال بأعياد الميلاد، حيث امتلأت المدينة بالناس حتى ضاقت بهم الفنادق.
وقال البطارسي: "إن الحرف اليدوية قد شارفت في السابق على الانهيار بسبب الحصار ومنع دخول السياح الأجانب وبناء الجدار ومنع التصدير وسعي عدد كبير من سكان المدينة إلى الهجرة خارج البلاد" .
مهنة الأجداد
صورة الأقصى.
تعتبر مصنوعات خشب الزيتون من أهم الصناعات التي تتميز بها مدينة بيت لحم الفلسطينية، وتعتمد عليها عشرات الأسر، حيث يزيد عدد المشاغل على أربعين مصنعاً وورشة تسوق منتجاتها في الضفة وإسرائيل والخارج.
رمزي زهير سعادة صاحب أحد أهم مصانع الأخشاب في بيت لحم تحدث عنها بالقول: "إن أجداده بدأوا عملهم في هذه الصناعة عام 1870م في بلدة عين كارم بالقدس، ثم هجروا منها عام 1948م مع بدء الاحتلال لفلسطين ليستقروا في مدينة بيت لحم ويواصلوا العمل في هذه المهنة، مؤكداً أن جده علّم هذه الصناعة لأكثر من 120 شخصاً.
أما عن طبيعة المنتجات، فذكر سعادة أنها تتركز على المنتجات والتحف الدينية المسيحية .
وأشار سعادة إلى أن نصف المنتجات تسوق داخلياً على السياح، فيما النصف الآخر يصدر إلى الخارج وخاصة الولايات المتحدة الأميركية.
وبعد سنوات من الجمود والإغلاق وتوقف السياحة إلى بيت لحم، يؤكد سعادة أن الصناعات السياحية في المدينة بدأت تستعيد عافيتها.
وعن مصدر المواد الخام، فيقول سعادة: إنها من خشب الزيتون المحلي، منبها إلى أن الجدار الفاصل تسبب في قطع آلاف الأشجار من الزيتون التي اضطر أصحابها لبيعها إلى أصحاب مشاغل الصناعات السياحية، فيما يضطر البعض الاخر بسبب البطالة إلى قطع أشجاره وبيع أخشابها ليقتات منها.
صناعة الصدف
عامل يشكل الفخار.
يقول ماجد فهد الأطرش وهو نجل الحاج فهد الأطرش صاحب أكبر مصنع لصناعة الصدف في مدينة بيت ساحور: إن هذه الصناعة موجودة في المدينة منذ العهد العثماني حتى اليوم وقد وصل إنتاج هذه الصناعة إلى جميع أنحاء المعمورة ومتاحفها بسبب جمالها وفنها وروعة الإبداع فيها، مشيراً إلى أن الباحثين في حقيقة صناعة الصدف يجدوا أن الفلسطينيين القدماء قد وضعوا الصدف داخل قبورهم في مدينة أريحا قبل حوالي سبعة آلاف سنة قبل الميلاد.
ويشير الأطرش إلى أن عدد المصانع والمشاغل في منطقة بيت لحم قد بلغت في عام 1967 إلى ذروة وجودها، حيث وصل عددها إلى (170) مشغلاً ومصنعاً،ولكن ومع بدء الاحتلال للمدينة تراجع عدد المشاغل تدريجياً فلم يعد يعمل منها إلى القليل وذلك نتيجة لتراجع السياحة كنشاط اقتصادي بسبب الحصار على الشعب الفلسطيني وانحسار السياح الأجانب القادمين على المدينة بسبب سوء الأوضاع الأمنية وبناء جدار الفصل حول المدينة .
أما اليوم فيوضح الأطرش بأن صناعة الصدف بدأت تنهض من جديد بسبب ازدهار السياحة في المدينة، حيث بدأت المصانع تستوعب أعداداً متزايدة من العاملين الفلسطينيين في هذا المجال.
التطريز فن لم يندثر
يعتبر التطريز صناعة حرفية فلسطينية عريقة تعتمد اعتماداً كبيراً على الأيدي النسائية الخبيرة في الريف وفي بعض مدن فلسطين، وعرف الناس هذه الحرفة كحرفة نسائية على مر السنين، حيث يتوارث إتقان هذه الصناعة الدقيقة في الأسرة من جيل إلى آخر.
وتقول فاتنة الأزرق صاحبة مشغل لصناعة الملبوسات والحقائب التقليدية: إن صناعة التطريز تلاقي في السنوات الأخيرة نوعاً من الازدهار بسبب الاهتمام من قبل الفلسطينيين بتراثهم الشعبي الذي يتميز بالتطريز الفلسطيني المتناهي بالدقة واعتماده المطلق على العمل اليدوي، حيث أن المرأة الفلسطينية تستخدم في تطريزها خيوط الحرير الملونة، فترسم بها أشكالا متعددة متناسقة، ولاسيما على صدر الثوب وأطرافه.
ويقول مدير التراخيص في وزارة السياحة الفلسطينية في بيت لحم: إن أهمية الصناعات السياحية تكمن في كونها توفر تشغيلاً ذاتيا لأسر كثيرة، خاصة في مجال الحرف اليدوية واستغلال بعض المواد الموجودة.
وأضاف زهير سعادة: أن الأراضي الفلسطينية بفعل إجراءات الاحتلال تشهد تراجعاً في بعض الصناعات السياحية التقليدية من التراث الفلسطيني مثل الخشبيات والتحف والفخار حتى إن بعضها بدأ يتلاشى